تُعد منطقة الأناضول في تركيا مهد الفضة منذ الألف الرابع قبل الميلاد. وهي التي أمدت الحضارات القديمة التي قامت حول بحر إيجة وشرقي المتوسط باحتياجاتها من هذا المعدن على مدى أكثر من ألفي سنة. وبعدما كان الإنتاج في بداياته مقتصراً على جمع ما يُعثر عليه من فضة خالصة أو شبه خالصة في المجاري النهرية طوَّر سكان خلقيدونية (في تركيا حالياً) في بدايات الألف الثالث قبل الميلاد وسائل فصل الفضة عن الرصاص في الخامات التي يختلط فيها هذان المعدنان الأمر الذي فتح أبواب الاستخراج من المناجم.
حوالي العام 1200 قبل الميلاد أصبحت مناجم لوريوم قرب أثينا المنتج الأول للفضة وبعد ذلك بنحو أربعمائة سنة راجت تجارة هذا المعدن ما بين الجزر اليونانية وشمال إفريقيا خاصة مصر الفرعونية إضافة إلى الساحل الفينيقي الأمر الذي وفر منه ما يكفي لاستخدامه في صناعات ومجالات جديدة غير الحلي والأدوات التزيينية والطبابة ألا وهو سك العملات منه واعتباره مقياساً لقيمة السلع والخدمات.
ظلَّت اليونان المنتج الأكبر للفضة لمدة ألف سنة تقريباً انتهت في حدود القرن الرابع قبل الميلاد ولكن القرطاجيين عوَّضوا عن شح المناجم اليونانية باستثمار المناجم الإسبانية التي تزعمَّت إنتاج الفضة لمدة ألف عام حتى كان الفتح العربي للأندلس.
من العصر الوسيط حتى القرن التاسع عشر
أبدى العرب شغفاً بالفضة أدى إلى تعاظم احتياجاتهم من هذا المعدن لصناعة الحلي وأدوات الزينة بحيث لم تعد المناجم الإسبانية كافية لتلبية الطلب فبدأ التنقيب عنها في كافة أنحاء أوروبا واكتشفت بالفعل مناجم أصبحت شهيرة عالمياً فيما بعد في كل من ألمانيا والنمسا ومناطق متفرقة من أوروبا الشرقية.
ليس من المؤكد أن الإنتاج في العصر الوسيط فاق بشكل ملحوظ سقف المليون ونصف المليون أونصة سنوياً التي كانت تنتجها سابقاً مناجم لوريوم اليونانية وعلى الرغم من أن الإنتاج الإسباني ساد طوال الألفية الأولى بعد الميلاد فإنه لم يخل بالتوازن بين العرض والطلب الذي ظل قائماً بفعل شح مناجم اليونان وبحر إيجة والأناضول.